, ;
مقدمة
نظرا للتطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم في مختلف الميادين، أصبح من الضروري مواكبة هذا التطور ولهذا شرعت الوزارة المعنية بإصدار مناهج وكتب جديدة لمختلف أطوار التعليم، لمختلف المواد من بينها العلوم الفيزيائية، كما تم إضافة محتويات جديدة في التعليم الثانوي والمتوسط منها مجال الطاقة بمفهومه الواسع الذي يعتبر ذا أهمية كبرى، لأنَه يقترن باستعمال وتوظيف المعارف المرتبطة بحياة التلميذ ومحيطه، فيتكيف مع الواقع المعاصر في مجال الشغل والمواطنة، ويفتح له آفاق الإستكشاف واستغلال مواهبه وقدراته من أجل التعامل مع مشكلات حياته اليومية، فبالرغم من نزول مصطلح الطاقة إلى الواقع المعاش ومختلف الميادين، إلاَ أنَه من أصعب المفاهيم الفيزيائية، ومن دلائل هذه الصعوبة، التأخر التاريخي لبروز المفهوم بصفته الحالية حتى منتصف القرن التاسع عشر عكس ما هو حال المفاهيم الأخرى كالكتلة والقوة...إلخ، نظرا لسيطرة أفكار نيوتن حول القوة، وكذا سيطرة الأفكار(الطبيعية) كتفسير بعض الظواهر الطاقوية بالقوى، وهذا مايعكس صعوبة إكتساب التلميذ لمختلف جوانب مفهوم الطاقة، وعلى هذا الأساس حاول المنهاج الجديد من خلال طرح متميز لمعالجة مفهوم الطاقة، وتجاوز ماورد في برامج الطاقة السابقة من نقائص، سواءا من حيث المحتوى أوطريقة التدريس، وذلك بالإعتماد على الأنشطة والتجارب المناسبة، وطرق تدريس تعتمد على الطريقة البنائية والوضعية الإشكالية ومشاركة التلميذ في العملية التعليمية دون الإعتماد على التلقين والسرد المعلوماتي، بالرغم من هذا نجد أن كل عمل بشري لايرقى إلى مستوى الكمال، لهذا نحاول نحن في مذكرتنا بوضع وسيلة تعليمية مساعدة لتدريس الطاقة في الثانوي والمتوسط وتغطية بعض جوانب النقص، خاصة محورالطاقة الداخلية والمواطنة الذي نحن في اقتناع تام بأهميته، لأنَه فرض نفسه على حياة الإنسان عامة والتلميذ خاصة، فلا يمكن الإكتفاء ببحوث يجريها التلاميذ حوله، وكذا نهدف من خلال هذه المذكرة إلى طرح جديد للطاقة الداخلية نظرا لصعوبة مفهومها وكذا إبراز علاقتها التكاملية بالجانب الكيميائي، وبصفة عامَة نحن نهدف في هذه الدراسة إلى تعميم خصائص مفهوم الطاقة إلى أوسع من الجانب الميكانيكي الذي إعتمدته البرامج القديمة للطاقة، أو الإبستيمولوجي وذلك من خلال التطرق إلى خصائص مفهوم الطاقة في مختلف المجالات البيلوجيا وعلوم الإجتماع والإقتصاد ...إلخ، إذن نحن نضع بين يديك عزيزي الأستاذ وثيقة تحتوي مفهوم الطاقة بشكله الواسع، مدعمَة بأنشطة تجريبية واقتراحات تعليمية، وكذلك نرفق هذه الوثيقة بقرص مضغوط (CD) يدعَم هذه الأنشطة التجريبية و الإقتراحات التعليمية من خلال شرائط للمحاكاة، استنتاجات علمية، وثائق وصورتوضيحية.
لمحة تاريخية حمل مراحل بروز مفهوم الطاقة
1 لمحة تاريخية حمل مراحل بروز مفهوم الطاقة:
1.1 تمهيد:
إنَ كلمة الطاقة توجد في الكلام المتداول، إلاَ أنَه من الصعب إعطاؤها مفهومها العلمي، فهي من أهم وأصعب المفاهيم في الفيزياء، سواءا من الجانب الإبستيمولوجي أو العلمي.
ومن دلائل هذه الصعوبة التأخر التاريخي لبروز هذا المفهوم بصيغته الحاليةحتى منتصف القرن التاسع عشر، عكس ما هي المفاهيم الميكانيكية الأخرى مثل الكتلة والقوة التي برزت قبلها بقرنين. كما أنه لوحظ تشابه بين التطور التاريخي لمفهوم الطاقة، و المراحل والصعوبات التي يتلقاها التلميذ في اكتسابه لهذا المفهوم.
2.1 لمحة تاريخية حول مراحل بروز مفهوم الطاقة والمفاهيم المرتبطة بها (الحرارة، العمل):
قبل ظهور المفهوم الحالي للطاقة كانت هناك نظريتان أساسيتان يعتمد عليهما لتفسير جملة الظواهر الميكانيكية والحرارية للمادة وهما النظرية المادية والنظرية الحركية أو الميكانيكية.
1.2.1النظرية المادية للحرارة:
تعتبر الحرارة ذات طبيعة مادية، تشبه مائعا مندمجا داخل الأجسام، ويمكنه الانتقال من جسم الى آخر، وقد ساهمت هذه النظرية في عهدها بإكتشاف عدَة خصائص حرارية للمادة (التبادل الحراري، السعة الحرارية،....)، وكانت تمهيدا لفكرة الانحفاظ في هذا المجال، و لكنها كانت حاجزا علميا لمبدأ التكافؤ، حيث لم تسمح بربط مفهومي العمل والحراة، و من أهم العلماء الذين دافعوا عن هذه الفكرة هم أرسطو- سطال- لافوازيه.
كانت العلوم قبل القرن السابع قبل الميلاد محتكرة من طرف علماء الحضارة الشرقية (المصرية، الهندية والبابلية،....). ومع مطلع القرن السابع قبل الميلاد بدأ اليونانيون في نقل العلوم من الحضارة الشرقية حيث لم يكتفوا بالنقل بل أضافو واصلحوا وعملوا على تطوير هذه العلوم وذلك بفضل عدَة علماء منهم: أرسطو، أرخميدس،.....الخ.